خطر انعدام الأمن الغذائي يحاصر ملايين حول العالم

يحاصر خطر انعدام الأمن الغذائي ملايين حول العالم، في معاناة لا تقتصر أسبابها على الحرب الروسية في أوكرانيا بحسب تقرير نشرته وكالة “بلومبيرج” للأنباء أمس.

وأكدت الوكالة أن الأزمة الروسية ليست وحدها سبب المعاناة من الجوع في أنحاء العالم، فهناك أسباب أخرى كثيرة، من أبرزها الجفاف الذي يعانيه عديد من الدول الإفريقية.

وأشارت في تقريرها إلى أن هناك أزمة جوع تشتد حدتها في دول منطقة القرن الإفريقي، حيث تتعرض للخطر بشكل متزايد حياة مئات الآلاف من الأطفال، حسبما حذرت الأمم المتحدة، ووكالات الإغاثة، ومسؤولون حكوميون.

وذكرت منظمة الأمم المتحدة للأطفال “اليونيسيف” أخيرا أن أكثر من 1.7 مليون طفل في الصومال، وإثيوبيا، وكينيا، في حاجة عاجلة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد.

وفي الصومال وحدها، سيعاني 7.1 مليون شخص – نصف عدد السكان تقريبا – انعدام الأمن الغذائي الذي يرقى إلى مستوى الأزمة أو ما هو أسوأ من ذلك حتى أيلول (سبتمبر) المقبل، على الأقل، وسيواجه 213 ألفا منهم حالات جوع، والتضور جوعا، وفقا لما ذكرته شبكة التحذير المبكر من المجاعة ووحدة تحليل الأمن الغذائي والتغذية التابعة لمنظمة التغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”.

وتعد الأزمة نتيجة غياب أربعة مواسم أمطار متعاقبة خلال عامين، وتشير توقعات الأرصاد الجوية إلى أن نقص المياه لن تخف حدته قبل نهاية العام، على أقل تقدير. وقد فقد آلاف المزارعين محاصيلهم وحيواناتهم، وتواجه مجتمعاتهم الريفية تمزقا حيث بدأت العائلات في الهجرة بحثا عن الغذاء والمراعي.

وترى “بلومبيرج” أن الحرب الروسية أدت أيضا إلى اضطراب سلاسل الإمداد، وأسفرت عن ارتفاع كبير في أسعار القمح، وزيت الطهي، وغيرهما من المواد الأساسية، ما زاد الموقف سوءا.

ومن المعروف أن روسيا وأوكرانيا كانتا قبل الحرب تزودان إفريقيا بـ40 في المائة من احتياجاتها من الحبوب. وفي جنيف، قالت رانيا دجاش، نائبة المدير الإقليمي لليونيسف لشرق وجنوب إفريقيا للصحافيين “إذا لم يوسع العالم نظره بعيدا عن الحرب في أوكرانيا ويتصرف على الفور، فإن انفجارا في وفيات الأطفال على وشك الحدوث في القرن الإفريقي”.

وقبل تنصيبه أخيرا، دق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمد أجراس الإنذار بالنسبة إلى المجاعة التي تزداد عمقا في بلاده ودعا إلى زيادة الدعم الدولي. وقال “إن الجفاف هو نتيجة لتغير المناخ الذي لا نستطيع السيطرة عليه.. والمواطنون في حاجة ماسة إلى المساعدة”. وتقدر اليونيسيف أن 398 ألفا من الأطفال في الصومال معرضون لخطر الموت بسبب سوء التغذية والحاجة إلى العلاج. وفقد المزارعون في البلاد نحو ثلاثة ملايين رأس من الماشية منذ منتصف 2021 بسبب الجفاف، وأدى نقص منتجات اللحوم والألبان إلى تفاقم الجوع، ولا سيما بين صغار الأطفال في المناطق الرعوية التي تعتمد على الإمدادات المحلية، حسبما ذكرت الأمم المتحدة.

وكان مكتب التنسيق والشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوشا” ذكر في بيان في السادس من الشهر الحالي أن وكالات المساعدات مجتمعة قدمت خدماتها إلى 2.8 مليون شخص في الصومال خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، لكن “حجم المساعادات الذي يتم تقديمه حاليا والتمويل من المجتمع الدولي لا يعدان كافيين حتى الآن لحماية الأشخاص الأكثر عرضة للخطر”.

وذكر مكتب التنسيق والشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن هناك أكثر من 7.2 مليون شخص في إثيوبيا يحتاجون إلى مساعدات غذائية بينما يحتاج 4.4 مليون شخص إلى المساعدة للحصول على الماء. وقال المكتب في تقرير له في الثاني من الشهر الحالي “إن نحو 1ر2 مليون شحص لقوا حتفهم في إثيوبيا، بينما هناك 22 مليون شخص على الأقل معرضون للخطر”.

من ناحية أخرى، أبرزت منظمة “أطباء بلا حدود” مدى كارثة ما زالت تتكشف أبعادها في منطقة عفار التي تعاني بشدة الجفاف، حيث يشهد مسؤولو المنظمة “دلالات مفزعة على أن هناك أزمة تغذية متزايدة ومميتة”. وشهدت المنطقة تدفق النازحين إليها نتيجة حرب استمرت 19 شهرا بين القوات الفيدرالية والقوات الموالية لحكومة منطقة تيجراي في شمال إثيوبيا.

وقال رافائيل فيشيت، منسق الطوارئ لدى منظمة أطباء بلا حدود في إثيوبيا “أكثر ما يخيفنا في هذه المرحلة هو أننا فقط في بداية رؤية مجرد جزء صغير للغاية من المشكلة، وهو بالفعل كاسح للغاية”.

كما يقدر مكتب التنسيق والشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن أكثر من 2.9 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء في كينيا وأن هناك نحو 650 ألفا من الأطفال يعانون سوء تغذية حادا. وأضاف المكتب أن “أكثر من 1.5 مليون من الماشية نفق، وفي بعض المناطق جف أكثر من 90 في المائة من مصادر المياه المتاحة”.

وخفضت حكومة كينيا الرسوم على بعض واردات الذرة لتخفيف العبء على المستهلكين في مواجهة ارتفاع أسعار الغذاء، بينما خفضت إثيوبيا ضريبة القيمة المضافة على بعض المواد الغذائية. وتعد قدرتها على تقديم مزيد من المساعدة محدودة، لأن أحوالها المالية ما زالت تتعافى من آثار جائحة كورونا.

واختتمت “بلومبيرج” تقريرها بالقول “إن القرن الإفريقي ليس الجزء الوحيد من القارة الذي لا يجد فيه المواطنون ما يكفي لغذائهم”، حيث حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أخيرا من أن هناك 32 مليون شخص في أنحاء المنطقة الغربية من القارة الإفريقية معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي.

Follow Us: 

Leave A Reply